1989 تيميشوارا – مدينة حرة
بعدما إندلعت في 16 ديسمبر/ كانون الأول، في مدينة تيميشوارا، غرب البلاد، اتخذت الإنتفاضة الشعبية، مسيرة مأساوية، بالتزامن مع تدخل السلطات في محاولة لمحو آثار القمع، بأمر من ايلينا تشاوشيسكو، زوجة الديكتاتور الشيوعي السابق/ نيكولايه تشاوشيسكو، خلال الأيام السابقة. و هكذا، حتى في ليلة 19 ديسمبر/ كانون الأول، في إطار عملية “تراندافير” أي “الوردة”، في مشرحة مستشفى المحافظة، في مدينة تيميشوارا، بدأ تحميل جثث ثلاثة و أربعين من الثوار ليتم نقلها وحرقها لاحقاً في محرقة “تشينوشا” أي “الرماد” في العاصمة بوخارست. السلطات كانت ستعلن في وقت لاحق، بعد تهدئة الوضع، أن “مثيري الشغب الثلاثة و الأربعين، قد فروا من البلاد. و بالتوازي مع ذلك، بدأت الاحتجاجات العمالية في تيميشوارا، تكتسب طابع جماهيري و تتوسع، بحيث نظمت مظاهرات و مسيرات احتجاجية و إضرابات للتعبير عن مطالب اقتصادية وسياسية. شجاعة الناس، تجلت عبر ترديد هتافات ضد الدكتاتورية — الأمر الذي لا يمكن تصوره في مجتمع كانت فيه الرقابة و ثقافة تمجيد و عبادة الشخصية ترتقي إلى مستوى سياسة الدولة.
Roxana Vasile, 19.12.2013, 19:22
“يا إلهي! تعال يا إلهي! لترى ما تبقى من الناس…” هذا هو مقطع من أغنية “نوبتس” أي ” ليال”، التي مثلت نشيداً لثورة عام 1989، ودخلت الوعي العام بمثابة تحية تمجيد لذكرى أولئك الذين، في تحد للهياكل الأمنية الشيوعية، آنذاك، قرروا النضال من أجل الحرية، معرضين حياتهم الخاصة للخطر.
بعدما إندلعت في 16 ديسمبر/ كانون الأول، في مدينة تيميشوارا، غرب البلاد، اتخذت الإنتفاضة الشعبية، مسيرة مأساوية، بالتزامن مع تدخل السلطات في محاولة لمحو آثار القمع، بأمر من ايلينا تشاوشيسكو، زوجة الديكتاتور الشيوعي السابق/ نيكولايه تشاوشيسكو، خلال الأيام السابقة. و هكذا، حتى في ليلة 19 ديسمبر/ كانون الأول، في إطار عملية “تراندافير” أي “الوردة”، في مشرحة مستشفى المحافظة، في مدينة تيميشوارا، بدأ تحميل جثث ثلاثة و أربعين من الثوار ليتم نقلها وحرقها لاحقاً في محرقة “تشينوشا” أي “الرماد” في العاصمة بوخارست. السلطات كانت ستعلن في وقت لاحق، بعد تهدئة الوضع، أن “مثيري الشغب الثلاثة و الأربعين، قد فروا من البلاد. و بالتوازي مع ذلك، بدأت الاحتجاجات العمالية في تيميشوارا، تكتسب طابع جماهيري و تتوسع، بحيث نظمت مظاهرات و مسيرات احتجاجية و إضرابات للتعبير عن مطالب اقتصادية وسياسية. شجاعة الناس، تجلت عبر ترديد هتافات ضد الدكتاتورية — الأمر الذي لا يمكن تصوره في مجتمع كانت فيه الرقابة و ثقافة تمجيد و عبادة الشخصية ترتقي إلى مستوى سياسة الدولة.
أين هم أمواتنا؟ نحن لسنا بلطجية! نريد تدفئة في البيوت! نريد لحماً! نريد شوكولاته لأطفالنا! يسقط تشاوشيسكو! — و بعدما وصلوا إلى منتهى الصبر، لم يدع أهالي تيميشوارا فرصة لقمع رغباتهم. حرية! ديمقراطية! استقالة تشاوشيسكو! — كانوا يهتفون. و في بعض المدن في ترانسيلفانيا مثل: سيبيو، وألبا يوليا، وسيبيش، وديفا، وتيرغو موريش، وبراشوف – أصدر بيان بمحتوى معاد لتشاوشيسكو، و في 20 ديسمبر/كانون الأول، أُعلنت تيميشوارا أول مدينة محررة من الشيوعية. الشرارة التي إشتعلت هناك، شملت لاحقاً رومانيا بأكملها. أما اليوم، بعد أربعة و عشرين عاماً، على تلك اللحظات الدرامية، تنعي هذه المدينة ضحاياها و تحيي ذكراهم. حداد، أعلام مُنكسة على السواري، صفارات انذار تدوي في جميع أنحاء المدينة. وزيارات لأحفاد أبطال الثورة في ذكرى أبناء تيمشوارا الذين أحرقوا في بوخارست. أكاليل زهور توضع على النصب التذكاري للضحايا، أمام كاتدرائية مدينة تيميشوارا، التي على درجاتها، خر شباب صرعى و جُزوا و قطعت أوصالهم بطلقات نارية. طقوس و صلوات في الكنائس و لحظات صمت، إحياءً لذكرى كافة الذين سقطوا قتلى من أجل الحرية، أولئك الذين لهم قبر، وكذلك أولئك الذين ليس لهم… و حتى 21 ديسمبر/كانون الأول، كل هذه الأحداث تهدف إلى إعادة جلب تضحية هؤلاء إلى الذاكرة الجماعية.