مسيرة عمال المناجم – 32 عاماً
ساحة الجامعة، التي احتلها الطلاب منذ شهر أبريل/ نيسان، والتي أعلنت “منطقة خالية من الشيوعية الجديدة”، كانت قد أخليت بالفعل لأن المتظاهرين تقبلوا القرار القاسي لصناديق الاقتراع. وحيث كان، في وقت سابق، عشرات الآلاف من الأشخاص المتحمسين وغير العنيفين، لم يبق سوى بضع عشرات من الأشخاص المضربين عن الطعام، وكأنهم غير قادرين على مواصلة حياتهم خارج الساحة. أما إجلائهم من قبل الشرطة، فقد حدث ليلة 13 يونيو/ حزيران، باستخدام قوة غير متناسبة، مما أعاد إلى الذاكرة القمع في أيام الثورة. وحتى هذا اليوم، لم يتضح إذا كان أولئك هم الذين، في اليوم التالي، ردوا بالاشتباك مع الشرطة في الشوارع، واحتلال مقر وزارة الداخلية ومبنى التلفزيون العام، لهم حقًا أية علاقة بساحة الجامعة.
Bogdan Matei, 14.06.2022, 19:22
بعد أكثر من ثلاثة عقود، لم تنجح رومانيا في توضيح أحلك حلقة في تاريخها بعد الشيوعية. مرت ثلاث سنوات منذ أن قررت المحكمة العليا للنقض والعدل إعادة ملف ما تسمى بمسيرة عمال المناجم التي امتدت على مدى 13-15 يونيو/ حزيران 1990، لإعادة صياغة لائحة الاتهامات التي اعتبرتها غير قانونية. وفي عام 2017، أنهى المدعون العسكريون التحريات، وأحالوا إلى القضاء أربعة عشر شخصاً. مشاهير المجموعة كانوا: رئيس الدولة السابق/ يون إيليسكو، الذي أصبح الآن في التسعينيات من عمره، ورئيس الوزراء آنذاك/ بيتريه رومان، ونائبه/ جيلو فويكان- فويكوليسكو، ومدير الجهاز الرومانيل للمخابرات SRI في تلك الحقبة/ فيرجيل ماغوريانو. ووفقًا للمحققين، فإن هؤلاء كانوا هم الذين نظموا ونسقوا مباشرة الهجوم على المتظاهرين في ساحة الجامعة وسط العاصمة بوخارست، الذين كانوا يعبرون بشكل سلمي عن آرائهم السياسية، التي كانت عكس آراء الأغلبية التي شكلت السلطة السياسية في ذلك الوقت. في 20 مايو/ أيار 1990، بعد خمسة أشهر فقط من سقوط الدكتاتورية الشيوعية بقيادة نيكولايه تشاوشيسكو، كان وزيره السابق في سبعينيات القرن الماضي، يون إيليسكو، الذي يُنظر إليه على أنه زعيم الثورة، قد فاز عملياً بأول انتخابات رئاسية حرة بعد أن حصل على حوالي 85٪ من أصوات الناخبين. أما حزبه، الذي كان مزيجاً غير متجانس من ثوار حقيقيين وشيوعيين من الصف الثاني، فقد فاز بثلثي المقاعد في البرلمان.
ساحة الجامعة، التي احتلها الطلاب منذ شهر أبريل/ نيسان، والتي أعلنت “منطقة خالية من الشيوعية الجديدة”، كانت قد أخليت بالفعل لأن المتظاهرين تقبلوا القرار القاسي لصناديق الاقتراع. وحيث كان، في وقت سابق، عشرات الآلاف من الأشخاص المتحمسين وغير العنيفين، لم يبق سوى بضع عشرات من الأشخاص المضربين عن الطعام، وكأنهم غير قادرين على مواصلة حياتهم خارج الساحة. أما إجلائهم من قبل الشرطة، فقد حدث ليلة 13 يونيو/ حزيران، باستخدام قوة غير متناسبة، مما أعاد إلى الذاكرة القمع في أيام الثورة. وحتى هذا اليوم، لم يتضح إذا كان أولئك هم الذين، في اليوم التالي، ردوا بالاشتباك مع الشرطة في الشوارع، واحتلال مقر وزارة الداخلية ومبنى التلفزيون العام، لهم حقًا أية علاقة بساحة الجامعة.
إيليسكو ورجاله وصفوهم بأنهم فيلق “الحرس الحديدي” (اليمين المتطرف خلال فترة ما بين الحربين العالميتين)، وعلى الرغم من أن الجيش كان قد أعاد النظام بالفعل، إلا أن السكان دعيوا لإنقاذ “الديمقراطية المعرضة للخطر”. عمال المناجم من وادي جيو (الوسط- الغربي للبلاد) لبوا النداء. وخلال يومين فقط، 14 و 15 يونيو/ حزيران، فرضوا سيطرتهم على العاصمة، حيث استبدلوا أية سلطة قانونية، وكانت هذه الفترة كافية ليتركوا خلفهم 1300 جريح، وأكثر من ألف شخص معتقل بشكل تعسفي، بالإضافة إلى ستة قتلى على الأقل. تدنيس الجامعة ومقرات الأحزاب المعارضة والصحف المستقلة المنكوبة يستكمل صورة الغزو. المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أصدرت قرارًا يطالب رومانيا بمواصلة تحقيقاتها في القضية، أما المدعية العامة السابقة/ لاورا كودروتسا كيوفيشي، فقد اعترفت بأن التحقيق في ملف مسيرة عمال المناجم كان “أحد أكبر الإخفاقات في تاريخ الإدعاء العام”.