جمهورية مولدوفا، بين الشرق والغرب
مستقلة منذ عام 1991، جمهورية اليوم، ليست باسارابيا التي كانت عام 1918، لا من حيث التكوين القومي، ولا من حيث الأراضي والحدود. فجمهورية مولدوفا، أصبحت أكثر انقاسماً سياسياً وإدارياً وعرقياً ولغوياً ودينياً مقارنة مع باسارابيا عام 1918 – أوضح سفير كيشيناو لدى بوخارست/ ميهاي غريبينتشيا، الذي حذر من أن أخطر عواقب نصف قرن من الاحتلال، على الرغم من أن جمهورية مولدوفا قد استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق، إلا أنها، على مستوى العقلية، لم تخرج بعد من الاتحاد السوفيتي. مجبران على التعايش معاً، رئيس الوزراء الموالي للغرب/ بافيل فيليب، والذي عرّف الدولتيْن على أنهما قلبيْن توأميْن، والرئيس الاشتراكي الموالي لروسيا/ إيغور دودون، الذي يتردد على موسكو أكثر من أية محافظة في جمهورية مولدوفا، هما اللذان يمثلان الشرخ والإنقسام السياسي والجيو- سياسي وكذلك إختلاف القيم في مجتمع باسارابيا.
Bogdan Matei, 27.03.2019, 18:37
في 27 مارس/ آذار 1918، في نهاية الحرب العالمية الأولى، على خلفية تفكك الإمبراطورية الروسية القيصرية، صوت مجلس الشورى في البلد، وهي الهيئة التشريعية في باسارابيا، لصالح اتحاد هذه المقاطعة التي تقطنها أغلبية رومانية مع الوطن الأم. كانت هذه أول وثيقة لتأسيس الدولة الرومانية الموحدة، وهو المشروع الذي اختتم في نهاية العام نفسه، بدخول كل من: بوكوفينا (في الشمال الشرقي) وترانسيلفانيا (في الوسط) وبانات وماراموريش وكريشانا (في الغرب)، التي كانت حتى ذلك الحين تخضع تحت حكم الإمبراطورية الهابسبورغية. وبعيدا عن كونها مُبهجة، الاحتفالات المكرسة لانضمام باسارابيا، أصبح لها طابع عاطفي أكثر إثارة، ولكن دون أن يخلو من الحزن. لأن الاتحاد استمر لمدة اثنين وعشرين عاماً فقط. ففي صيف عام 1940، بعد إنذار نهائي، ضمت موسكو ستالين إليها، كلا من باسارابيا وشمال بوكوفينا، وهما إقليمان يمثلان الآن، جمهوريتي مولدوفا وأوكرانيا السوفيتيتين السابقتين. مئات الآلاف من سكان باسارابيا لاذوا بالفرار، آنذاك، لاجئين إلى رومانيا التي أصبحت أصغر، بينما رُحل عشرات آلاف آخرين إلى سيبيريا أو كازاخستان، وفي مكانهم، أحضر المُحتلون مستعمرين جلبوا من جميع أنحاء الإمبراطورية.
مستقلة منذ عام 1991، جمهورية اليوم، ليست باسارابيا التي كانت عام 1918، لا من حيث التكوين القومي، ولا من حيث الأراضي والحدود. فجمهورية مولدوفا، أصبحت أكثر انقاسماً سياسياً وإدارياً وعرقياً ولغوياً ودينياً مقارنة مع باسارابيا عام 1918 – أوضح سفير كيشيناو لدى بوخارست/ ميهاي غريبينتشيا، الذي حذر من أن أخطر عواقب نصف قرن من الاحتلال، على الرغم من أن جمهورية مولدوفا قد استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق، إلا أنها، على مستوى العقلية، لم تخرج بعد من الاتحاد السوفيتي. مجبران على التعايش معاً، رئيس الوزراء الموالي للغرب/ بافيل فيليب، والذي عرّف الدولتيْن على أنهما قلبيْن توأميْن، والرئيس الاشتراكي الموالي لروسيا/ إيغور دودون، الذي يتردد على موسكو أكثر من أية محافظة في جمهورية مولدوفا، هما اللذان يمثلان الشرخ والإنقسام السياسي والجيو- سياسي وكذلك إختلاف القيم في مجتمع باسارابيا.
الانتخابات البرلمانية التي نظمت، الشهر الماضي، لم ينتج عنها فائز واضح بلا منازع، قادر على خلق أغلبية جديدة، ولكنها تشهد على نفس التشرذم بين أتباع الرئيس اليساري الموالي لروسيا، والحكومة اليمينية الموالية لأوروبا. وفي السنوات الأخيرة، شارك عشرات الآلاف من الأشخاص في كلتي العاصمتين، تحت شعار باسارابيا هي رومانيا!، فيما عرفت بالمسيرات الوحدوية. لقد كانوا متحمسين ومقتنعين، بأن من أجل جمهورية مولدوفا، التي تدار من قبل طبقة سياسية فاسدة بعمق، والمُجزأة بسبب النزعة الانفصالية في ترانسنيستريا (شرق البلاد)، والتي تعتبرها جميع التصنيفات المتخصصة بأنها أفقر دولة أوروبية، فإن الحل الوحيد، هو الاتحاد مع رومانيا، الشقيقة الكبرى، التي تحظى بعضوية الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أي مع دولة يسودها القانون، ونصيب الفرد فيها من الناتج المحلي الإجمالي- وفقا للخبراء – أكبر بحوالي 20 مرة.