إعادة فتح ملف مسيرة عمال المناجم
Bogdan Matei, 11.03.2015, 15:41
في وقتٍ لَمْ يَتَوَقَعْهُ أحدُ، قَرَرَتْ محكمةُ النقض والعَدل العُليا، يومَ الاثنينِ الماضِيَ، تلبيةً لِطَلَبٍ مِنَ النيابة العامة، إعادةَ فَتْحِ مِلَفِ ما تُسمى ب “مَسيرةِ عُمالِ المناجم”. وأصبح الآن بوسع المُدَعِين استئنافُ التحقيق في جرائمِ القتل والجرائم ضد السلام والإنسانية، بما في ذلك التحقيقُ في شأنِ مَسؤولين كبار سابقين، مِنْ بَيْنِهِمْ رئيسُ الجمهورية السابقُ ذو اتجاه اليسار السياسي، يون إلياسكو، وبعضُ المُقَرَبِينَ منه، أمثال مديرِ المُخابرات الرومانية آنذاك، Virgil Măgureanu أو رئيسِ الشرطة الرومانية، الجنرال Corneliu Diamandescu . ويأتي قرارُ المحكمة العليا بعدما كانَتْ رومانيا قد أُجْبِرَتْ مِنَ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في سبتمبر/أيلول مِنَ العام الماضي، على مواصلةِ التَحقيقات في هذه القضية. وشَدَدَتِ المحكمةُ في ستراسبورغ على التزامِ البلاد بتحقيق العدالة لِضَحايا الجرائم ضد الإنسانية، مَهْمَا كان الوقتُ الذي مَضَى على ارتِكابِها. لأنَ جُروحَ الماضي، إذا لا تُعالَجُ في الوقتِ المناسب، فَهناكَ خَطَرُ أَنْ تَنْفَتِحَ مُجَدَدًا. بالنسبة لوسائل الإعلام، كانَتْ مَسيرةُ عُمالِ المناجم قدْ وضعتْ رومانيا على شَفَا حَرْبٍ أهلية. أما الأخصائيون في العلوم السياسية، فيَعتبرون أنها حالةٌ نَموذجةٌ مِنْ قَمْعِ الدولة لِمُواطِنِيها. في العشرين مِنْ مايو/أيار عام 1990، بعد خمسةِ أشهُرٍ مِنْ سُقُوطِ الدكتاتورية الشيوعية ل Nicolae Ceausescu ، كانَ الوزيرُ السابقُ في السبعينات مِنَ القرن الماضي، يون إلياسكو، الذي كان يُعْتَبَرُ زعيمًا للثَورة، قد فاز بأول انتخاباتِ رئاسيةٍ حُرَةٍ، حاصِلا على نحوِ خمسةٍ وثمانين في المائة مِنَ الأصوات. أما حِزبُه، الذي كان مَزِيجًا مُخْتَلَطًا مِنَ الثُوارِ الأُصَلاء والشُيُوعيين منَ الدرجة الثانية، فكان، بِدَوْرِهِ، قَدْ أحرَزَ ثُلُثَيْنِ مِنْ مَقاعشدِ البرلمان. أما ساحةُ الجامعة ببوخارست، التي استَوْلَى عليها الطُلابُ منذ أبريل/نيسان والتي أُعلِنَت “منطقةً حُرَةً مِنَ الشيوعية” ، فأصبَحَتْ فارِغَةً، إذْ كان المُتظاهِرُونَ قَدْ قَبِلُوا نتائجَ الانتخابات. ولم يبق في المكانِ الذي كان قَدِ احْتَشَدَ فيه عشراتُ الآلاف مِنَ المتظاهرين المُتَهَوِرينَ وغَيْرِ العَنِيفِينَ – سوى بضعةِ عَشراتِ المُضْرِيبنَ عَنِ الطعام، الذين كان يَبْدُو أنَهُمْ غَيْرُ قادرين على مُواصَلَةِ حَياتِهِمْ خارج تلك الساحة. وكانت الشرطةُ قدِ استخدمَت “قوةً غيرَ متناسبة” لإجلائِهم، ليلةَ الثالثَ عشرَ من يونيو/حزيران، مما أعاد إلى الذاكرة أعمالَ القَمْعِ أثناء الثورة. وحتى اليوم، ليسَ مِنَ الواضح إذا ما كانَ هؤلاءِ الذين رَدُوا في اليوم الثاني وخَاضُوا معاركَ في الشوارع ضد الشرطة، مُحْتَلِينَ مَقَرَيْ وزارة الداخلية والتلفزيون العام — ليسَ مِنَ الواضح إذا مَا كانَتْ لديهم حَقًا أيةُ صِلَةٍ بالساحة. Iliescu وصفهم بأنهم عناصرُ حركةِ الحرس الحديدي اليمينيةِ المتطرفة، وعلى الرغم مِنِ استعادةِ الجيش للسيطرة، دَعَا الشعبَ لإنقاذ “الديموقراطية المُهَدَدَة”. واستجابَ عُمالُ المناجم بوادي Jiu إلى نداءِهِ واحتلوا العاصمة، مُدَةَ يَوْمَيْنِ، بين الرابعَ عشرَ والخامس عشر من يونيو/حزيران، مُتَدَخِلينَ بذلك في مَكانِ السُلطات القانونية، مِمَا تسبب في إصابةِ سبعِمائةِ شخص بجروح واعتقالِ ما يربو على ألفِ شخصٍ بطريقة غير شرعية وقتل ستةٍ آخرين على الأقل. وكانَتْ جامعةُ بوخارست ومقراتُ أحزابِ المُعارَضة والصُحُفِ المُستَقِلةِ المُقْتَحَمَةُ تَسْتَكْمِلُ مَشْهَدَ الغَزْو. وفي عام 2010، كانَتِ المُدعيةُ العامة لرومانيا آنَذاك، الرئيسةُ الحالية للدائرة الوطنية لمكافحة الفساد، Laura Codruţa Koveşi ، قَدِ اعْتَرَفَتْ بأن التحقيقَ في مَسِيرَةِ عُمالِ المناجم يُعَدُ مِنْ “أكبر الإخفاقات في تاريخ النيابة العامة”. وبَعْدَ خمسةِ أعوام مِنْ ذلك، تُتاح أمام المُدَعِينَ فرصةٌ جديدة لِتَحْقِيقِ العَدالة.