آثار الحرب في أوكرانيا
الأزمة الإنسانية تتكشف أمام أعيننا، مُخلفة آلاف القتلى، ومُجبرةً ملايين اللاجئين على الفرار من ديارهم، ومهددة الانتعاش الاقتصادي الذي كنا ننتظره جميعًا بعد فترة تزيد عن السنتين من الجائحة. التأثير الكبير لروسيا وأوكرانيا على الاقتصاد العالمي يُعزى إلى دورهما كموردين رئيسيين للمواد الخام في العديد من الأسواق. حيث يمثل البلدان معاً ما يقرب من ثلاثين في المائة من الصادرات على مستوى العالم من القمح، وخمسة عشر في المائة من الذرة، وعشرين في المائة من الأسمدة الزراعية والمعادن والغاز الطبيعي، وأحد
Mihai Pelin, 08.06.2022, 22:18
الحرب في أوكرانيا سيكون لها تأثيرٌ سلبي على النمو الاقتصادي العالمي في هذا العام، فضلاً عن التضخم، وسيمتد التأثير على العام المقبل – مثلما تحذر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). في تقريرها الأخير حول آفاق الاقتصاد العالمي، لم تستبعد المنظمة تدهور الوضع، أو حتى ظهور صدمات أخرى قد تسبب اضطراب النظام الاقتصادي. منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تضم ثمانية وثلاثين بلداً متقدماً باقتصادات تزداد توسعاً في جميع أنحاء العالم، أجلت تقريرها السنوي للتنبؤ الاقتصادي، الذي يُنشر عادة في شهر مارس/ آذار، بسبب العدوان الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي، وكذلك بسبب حالة عدم اليقين حول تطور الصراع وآثاره الاقتصادية. منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تتوقع نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3٪ مقارنة بنسبة 4.5٪ في التوقعات السابقة. أما في العام المقبل، فمن المتوقع أن يتباطأ النمو أكثر حتى يصل إلى نسبة 2.8٪ من 3.2٪ كما كان متوقعاً مبدئياً. في الوقت نفسه، سيضغط التضخم بشدة على الاقتصادات والقوة الشرائية للسكان، حيث من المتوقع أن يصل إلى 8.5٪ على المستوى العالمي، أي ضعف التقديرات السابقة.
الأزمة الإنسانية تتكشف أمام أعيننا، مُخلفة آلاف القتلى، ومُجبرةً ملايين اللاجئين على الفرار من ديارهم، ومهددة الانتعاش الاقتصادي الذي كنا ننتظره جميعًا بعد فترة تزيد عن السنتين من الجائحة. التأثير الكبير لروسيا وأوكرانيا على الاقتصاد العالمي يُعزى إلى دورهما كموردين رئيسيين للمواد الخام في العديد من الأسواق. حيث يمثل البلدان معاً ما يقرب من ثلاثين في المائة من الصادرات على مستوى العالم من القمح، وخمسة عشر في المائة من الذرة، وعشرين في المائة من الأسمدة الزراعية والمعادن والغاز الطبيعي، وأحد
عشر في المائة من صادرات النفط. كما تعتمد سلاسل التوريد العالمية على الصادرات الروسية والأوكرانية من المعادن النادرة والغازات. أسعار كل هذه المواد الخام ارتفعت مباشرة عقب اندلاع الحرب، التي نتجت عنها عواقب وخيمة على اقتصادات العديد من البلدان. إيقاف صادرات القمح، بكل بساطة، قد يؤدي إلى نقص حاد في الغذاء، وقد يسبب كوارث إنسانية حقيقية في بعض البلدان النامية. بالإضافة إلى ذلك، ستؤدي أزمة الأسمدة المستخدمة في الزراعة إلى تراجع انتاج المحاصيل الزراعية، مما سيؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء.
معتمد إلى حد كبير على واردات الطاقة الضخمة من روسيا، الاتحاد الأوروبي سيكون الأكثر تضرراً من عواقب الصراع على حدوده. فوفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من المتوقع أن تسجل منطقة اليورو نمواً بنسبة 2.6٪ في هذا العام، وبنسبة 1.6٪ في عام 2023، بعدما كانت التوقعات أكثر من الضعف. يكون التوقف المفاجئ المحتمل لإمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، أو الارتفاع المستمر في أسعار الطاقة، أو الاضطرابات في سلاسل التوريد، قد تكون لها آثار مدمرة على الاقتصادات الأوروبية. ويخلص التقرير إلى أن انفجار التضخم قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار فوائد البنوك المركزية، مما يهدد التعافي الاقتصادي المنتظر على أحر من الجمر، والذي أصبح بالفعل غير مستقر.